يعد الحديث عن اللحظات الأخيرة في حياة العلماء الربانيين أمرًا يستحق التوقف والتأمل، لما تحمله من دلالات إيمانية وروحية عميقة، ولما لها من تأثير في نفوس المحبين، الشيخ محمد متولي الشعراوي، العالم الأزهري الجليل، الذي بقي أثره حاضرًا في القلوب والعقول من خلال تفسيره للقرآن وأحاديثه الإيمانية، عاش حياة مليئة بالعلم والورع، وكان لوفاته وقع خاص ومشاهد أدهشت أفراد أسرته وكل من عرفه.

تفاصيل الأيام الأخيرة في حياة الشيخ الشعراوي

1. علامات ظهرت قبل 18 يومًا من الوفاة

بدأت الأمور تتغير في سلوك الشيخ قبل وفاته بـ 18 يومًا، فقد لاحظت أسرته أن شهيته للطعام والشراب بدأت تقل تدريجيًا، وكان يرفض الأكل قائلاً لابنته:
“يا بنتي ما أنا لسه واكل…”، وكان يعدد الفاكهة التي تناولها للتو.

2. التوقف عن الطعام والنوم المفاجئ

بعد أسبوع من تلك التصرفات، انقطع عن تناول الشراب تمامًا، وأصبح يغفو فجأة دون مقدمات، والأمر اللافت، أنه كان لا يستيقظ إلا عندما يقرأ القرآن إلى جواره، فإذا أخطأ القارئ في التلاوة، كان الشيخ يصحو ليصحح الخطأ فورًا، وهو ما أثار دهشة عائلته.

3. وصية غريبة قبل ثلاثة أيام من الوفاة

في يوم الأحد 14 يونيو 1998، طلب الشيخ من حفيدته أن تبلغ والدها (ابنه عبد الرحيم) بتجهيز السيارة، ثم بدأ يعدّ الأيام على أصابعه حتى وصل إلى يوم الأربعاء، فطلب أن يسرعوا في تجهيز الأمور، وعلى الفور فهم ابنه المقصود، واتصل برجل يدعى عبد الرحمن في بلدهم (ميت غمر)، وطلب منه تجهيز المقابر.

4. استعداد كامل للقاء ربه

قبل يوم من الوفاة، طلب الشيخ من ابنه مساعدته في الاغتسال، باستخدام اللوفة الخشنة، وشذّب له ذقنه، وقصّ له أظافره، وطلب جلبابًا أبيض جديدًا، وعندما مازحه ابنه قائلاً:
“هتعمل فيها عريس؟”
رد الشيخ قائلاً:
“أيوه، صح كده… أنا عريس.”

المشهد الأخير… اللحظات التي سبقت الرحيل

في الساعة الثالثة فجرًا، طلب من أولاده وأحفاده مغادرة الغرفة قائلاً:
“سيبوني مع ربنا شوية.”

وفي السادسة صباحًا، حاولت ابنته فاطمة الدخول للاطمئنان عليه، فزجرها بصوت عالٍ، وعندما سأله ابنه عن السبب، قال:
“إحنا قاعدين في الحضرة، وهي داخلة ومش شايفاهم، وممكن تدوس حد فيهم، فخفت عليها.”

ثم تمدد على سريره، ونظر إلى السقف، وبدأ ينطق أسماء أولياء الله الصالحين قائلاً:
“الله الله، أهلاً وسهلاً سيدي إبراهيم، أهلاً ستي زينب، أهلاً سيدنا الحسين…”

وردد الشهادة بصوت خاشع وهو يرفع إصبعه:
“أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.”

ورحل الشيخ الشعراوي عن عالمنا في سلام، يوم الأربعاء 17 يونيو 1998، عن عمر ناهز 87 عامًا.

رغم مرور سنوات على وفاته، ما زال الشيخ الشعراوي حاضرًا بكلماته، ملهمًا للملايين، يبعث فيهم الأمل والسكينة، ويذكرهم بقيمة العلم والتقوى.

أضف تعليق

الأكثر رواجًا